بغداد _ العالم
أحاط محمد شياع السوداني مكتبه داخل القصر الحكومي في المنطقة الخضراء، بعشرات المستشارين والشخصيات الحزبيّة، التي تحولت جسرا لتمرير الامتيازات وتسريب كواليس صناعة القرار الحكومي للاحزاب التي دفعت ب"ابو مصطفى" إلى رئاسة الحكومة في تشرين الأول من العام ٢٠٢٢، ضمن معادلة طرح التيار الصدري نفسه خارجها.

يحق للسوداني أن يفخر بتسمية كابينته ب"حكومة المستشارين"، إذ هناك ما يزيد على ١٠٠ مستشار حكومي، لا يقدمون شيئا للحكومة، انما يكفي ان يختار أحدهم فضائية معينة، للحديث عن الخطط الخدمية التي لم ير العراقيون منها سوى بعض المجسرات وتعبيد الطرقات في مناطق معينة من العاصمة بغداد.

وكثير من هؤلاء المستشارين وذويهم، والمقربون من الوزراء وقادة الميليشيات وغيرهم، سمحت لهم الهيئة العليا للحج والعمرة، بأداء مراسيم الحج هذا العام، بعد أن خصص رئيس الهيئة الشيخ سامي المسعودي لكل وزير قرابة عشرة مقاعد، ولكل نائب مقعدين او ثلاثا، ولبعض المدراء العامين، والسفراء وغيرهم، والشخصيات السياسية والعشائرية، وقد عرض كثير من تلك المقاعد في بورصة وصلت أسعارها الى ٢٠ الف دولار، وقد نفد المعروض خلال أيام.

أرادت أم سيف الطواف حول بيت الله الحرام في موسم الحج. وكان ابناؤها قد جهزوا لها مستلزمات الحج، بعد أن تلقت وعدا من أحد المسؤولين المتنفذين في حكومة السوداني، بمنحها مقعدا من حصته، لكن آخر رحلة جوية جرى تفويجها قبل أسبوع لم تكن المرأة الستينية على متنها.

تقول أم سيف (٦٧ عاما)، أنها قطعت في العام ٢٠١٩ وصلاً للدخول في قرعة الحج، لكنها لم تفلح وكررت المحاولة في أعوام تالية، وكان مصيرها الفشل ايضا. وكانت هذه المرأة التي اعتمرت بيت الله الحرام مرتين، مستعدة لشراء مقعد تجاري، لكنها تراجعت بسبب تعهد احد المسؤولين بمنحها مقعدا لأداء مراسيم الحج، فحرمها من ذلك، بسبب تخلفه عن الايفاء بوعده.

تقول مصادر مطلعة: ان مكتب السوداني وزع أكثر من ١٠٠٠ مقعد حجّ على أحزاب الإطار التنسيقي كمكرمة حكومية، وقد شملت هذه المكرمة عددا كبيرا من المحللين السياسيين والصحفيين وغيرهم، الذين سينضمون مستقبلا الى شريحة "الحجاج" التي تتحكم بمقدرات هذا البلد.

وفي مواقع التواصل الاجتماعي، أبدى العديد من العراقيين، استياءهم من حصول السياسيين في الحكومة والبرلمان على أعداد ليست قليلة من فرص الحج سنويا، معتبرين ذلك تقسيما آخر في إطار المحاصصة الحزبية والفئوية.

وفي وقت سابق، نفت هيئة الحج والعمرة تخصيصها مقاعد للمسؤولين في الدولة، مؤكدة منحها خصيصا عبر ما يعرف بحج المجاملة.

وغرد الكثير من العراقيين على تويتر، منتقدين ذهاب هؤلاء السياسيين والنواب لاسيما الفاسدين منهم لأداء مناسك الحج، وقالوا إن الأولوية تتمثل في خفض أجور النقل بالنسبة للحج، وتوفير فرص أكثر للمسنين، والعمل على خدمة المواطن.

المواطن احمد العبيدي، في إحدى مناطق غربي بغداد، قال إن غالبية المواطنين الذين يدخلون قرعة الحج تتأجل طلباتهم إلى إشعار آخر أو لسنوات أخرى بسبب قلة حصة العراق، في مقابل كثرة الطلبات المقدمة للهيئة، في وقت تكون الأولوية لأقرباء السياسيين من الرجال والنساء، في إطار تنافس الأحزاب السياسية على هذه المقاعد.
وتعلن بعض شركات السياحة أو مكاتب رحلات الحج في العراق عن عروض لما يعرف بتأشيرة المجاملة عبر مواقعها على فيسبوك، بمبالغ تصل الى ٢٠ الف دولار لقاء خدمات متكاملة، لكنها لم تفصح عن كيفية الحصول عليها.
واعلنت لجنة الاوقاف النيابية، حصة العراق في موسم الحج لعام ٢٠٢٤، فيما اشارت الى أن التنازل عن اداء الفريضة مشروط.

وقال عضو اللجنة ياسر الحسيني، إن "آخر تحديث لحصة العراق في موسم الحج المقبل تصل الى اكثر من 39 ألف، فضلا عن حصص اضافية تمنح للحكومة والوزراء تكون خارج الحصة الرئيسة ضمن لجان السفر الشخصية".
واضاف، أن" لجنة الاوقاف والحج تتابع مع بعثة الحج قاعدة بيانات المشمولين بالحج للموسم الحالي وتجري مقاطعة مع اسماء من فازوا"، لافتا الى انه" لم ترصد اي حالات استبدال للاسماء".
وبين الحسيني أن "اللجنة سمحت بالتنازل لأي حاج عن حصته الشرعية في الحج سواء توفي أو انه عاجز عن اداء الفريضة بسبب المرض الى شخص آخر وهذا الامر طبيعي".